
بِـسْـمِ اللَّهِ الـرَّحْـمَـنِ الـرَّحِـيـمِ
الـسَّـلَامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبـَرَكَـاتُـهُ
الـسَّـلَامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبـَرَكَـاتُـهُ
قال الله تعالى : ﴿
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ﴾ [يونس : 57]. وقال: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ
الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء : 82]. فجماع أمراض القلب هي أمراضالشبهات والشهوات .
والقرآن شفاء للنوعين . ففيه من البينات والبراهين القطعية ما يبين الحق من الباطل، فتزول أمراض الشبه المفسدة للعلم والتصور والإدراك، بحيث يرى الأشياء على ما هي عليه ، وليس تحت أديم السماء كتاب متضمن للبراهين والآيات على المطالب العالية : من التوحيد ، وإثبات الصفات ، وإثبات المعاد ، والنبوات ، ورد النحل الباطلة والآراء الفاسدة مثل القرآن ؛ فإنه كفيل بذلك كله ، متضمن له على أتم الوجوه وأحسنها وأقربها إلى العقول وأفصحها بيانا ، فهو الشفاء على الحقيقة من أدواء الشبه والشكوك ، ولكن ذلك موقوف على فهمه ومعرفة المراد منه ، فمن رزقه الله تعالى ذلك أبصر الحق والباطل عيانا بقلبه كما يرى الليل والنهار ...
أما شفاؤه لمرض الشهوات فذلك بما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب ، والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة ، والأمثال ، والقصص التي فيها أنواع العبر والاستبصار.
فالقرآن
مزيل للإمراض الموجهة للإرادات الفاسدة ، فيصلح القلب فتصلح إرادته ويعود
إلى فطرته التي فُطِر عليها فتصلح أفعاله الاختيارية الكسبية ، كما يعود
البدن بصحته وصلاحه إلى الحال الطبيعي فيصير بحيث لا يقبل إلا الحق ، كما
أن الطفل لا يقبل إلا اللبن ، فيتغذى القلب من الإيمان والقرآن بما يزكيه
ويقويه ويؤيده ويفرحه ويسره وينشطه ويثبت ملكه كما يتغذى البدن بما ينميه
ويقويه.والقرآن شفاء للنوعين . ففيه من البينات والبراهين القطعية ما يبين الحق من الباطل، فتزول أمراض الشبه المفسدة للعلم والتصور والإدراك، بحيث يرى الأشياء على ما هي عليه ، وليس تحت أديم السماء كتاب متضمن للبراهين والآيات على المطالب العالية : من التوحيد ، وإثبات الصفات ، وإثبات المعاد ، والنبوات ، ورد النحل الباطلة والآراء الفاسدة مثل القرآن ؛ فإنه كفيل بذلك كله ، متضمن له على أتم الوجوه وأحسنها وأقربها إلى العقول وأفصحها بيانا ، فهو الشفاء على الحقيقة من أدواء الشبه والشكوك ، ولكن ذلك موقوف على فهمه ومعرفة المراد منه ، فمن رزقه الله تعالى ذلك أبصر الحق والباطل عيانا بقلبه كما يرى الليل والنهار ...
أما شفاؤه لمرض الشهوات فذلك بما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب ، والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة ، والأمثال ، والقصص التي فيها أنواع العبر والاستبصار.
وكل من القلب والبدن محتاج إلى أن يترقى فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح ، فكما أن البدن محتاج إلى أن يزكو بالأغدية المصلحة له والحمية عما يضره فلا ينمو إلا بإعطائه ما ينفعه ومنع ما يضره ، فكذلك القلب لا يزكو ولا ينمو ولا يتم صلاحه إلا بذلك ، ولا سبيل له إلى الوصول إلى ذلك إلا من القرآن ، وإن وصل إلى شيء منه من غيره فهو نزر يسير لا يحصل له به تمام المقصود.
إغاثة اللهفان (1 / 46)
الكاتب: ابن القيم